كي تعرفني ..اِسأل أي ليمونةٍ من وطني...

طفولةٌ جريحة...
و بؤسٌ اكتسحَ ملامحاً بريئةً نقية..
أشاخها الحزنُ ..أذبلَ نضارة عمرها..
أنكس أعناقها ألماً ...خوفاً ... جوعاً...
كم تغنى الشعراء بعذوبة الطفولة و مرحها و رقرقةِ غديرِ الأملِ في مراتعِ قلوبِ الصغار..
كم عشقنا صورَ عصافير الجنة ..ملائكةِ الأرض..
و نحنُ نجعلهم على جدران غرفنا لنصطبح بأجمل الأقمار..
نسبّح الباري حسنَ ما صوّرهم و براءة ما أطغى على ملامحهم ..
و نحنُ صغار..
حسبنا كلَّ طفلٍ في العالمِ هو مرآةُ لوحةِ طفلٍ باسم الثغرِ..
كبرنا..
فأرهقت نفوسنا صورُ طفولةٍ محروقة جريحة..
زعزعت إيماننا بكلّ عدلٍ في هذا الكونِ ..
عندما مرّت أمام أعيننا صورُ مذابحَ و مجازر بشرية..
أشلاءُ ملائكةٍ أدمت وجوههم و أحرقتها قسوة الإنسان ..
بل قسوةُ الحيوان..
هل من يُحلُّ قتل الطفولةِ يكونُ إلا حيواناً متشحاً بجلدِ بشرٍ لا يلبثُ أن ينسلخ لتبان منه الأظافر و الأنياب..
سحقاً لهم حيوانات بني صهيون و من معهم ..
و من ساندهم ..
سحقاً لقادةٍ و حكام اشتركوا معهم في إشعال فتائل الموت..
سحقاً لمن أدمى الطفولة و أرهقها..
لكم حلمتُ يوماً أن يكون كلُّ الأطفالِ أطفالاً..
يلعبون ..يفرحون ...في الشوارع كالفراشات يتطايرون..
حلمٌ طويلُ المدى ..
بعيدٌ بعيدُ المنال..
أيأستني خطوبُ الزمانِ من غدٍ ...
ملّت حنايا روحي الأمل ..أُجهضَ فيها الحلم ...
هذا ما يتراود في ذهني أحياناً..
لكن...
غداً لهم أطفالنا ..
و ستنتهي يوماً مهزلةُ البشرية لا بد أن تنتهي..
ستتساقط العروش المنهارةُ هي..
تلكَ التي أعمدتها مصالحٌ تدمّرُ مصائر الشعوب..
و ستعودُ ضحكتك أيــــا طفلي..
و ستذكر أخاً كانَ لكَ يوماً..
في فلسطينَ ...في أي بقعةٍ من دول الإسلام..
ستشمخ بهِ ..
تشتمُّ عبقَ روحهِ ..
تقطفُ ليمونةً رواها دمهُ ..
لتقولَ لك..
من أنقذني كانَ أخاك..
روى عطشي ..أنقذَ وجعي ..طهّر جذري ..
لأشمخَ معك ..
نحنُ من حمانا دمُ الأطفال ..
أخاكَ أنا ...
و لكي تعرفني ..
اِسأل أيَ ليمونةً من وطني..

تسلمي يا ملكة لكي مني أجمل الأماني

تقبلي مروري ...

مرورك هو الاجمل وارق
لك مني كل حب وود وتقدير
sh_a